مدونة قسم المسيرة

الحكامة

09/02/2011 17:55

 

الحكامة

بقلم :  عبد الغني العداسي

 


 
أصبح موضوع الحكامة في الآونة الأخيرة من بين أهم المواضيع الرائجة في الحقل السياسي على المستوى العالمي المنظمات الدولية , أم على المستوى الوطني فقد تم المناداة بالحكامة كآلية للتدبير الجيد للشؤون المجتمع المغربي وذلك عن طريق  إشراك المواطن المغربي في صنع القرارات المرتبطة بالتنمية الاقتصادية والاجتماعية للمغرب, فكان تبني أسلوب جديد في تسيير الشؤون على المستوى المركزي والمحلى يعتمد في جوهره على الحكامة الجيدة , يعني حكم تقوم به قيادات سياسية منتخبة وأطر إدارية كفأة لتحسين نوعية حياة المواطنين و تحقيق رفاهيتهم،
 وذلك برضاهم و عبر مشاركتهم و دعمهم.وهو التعريف الذي تبنته أغلب المنظمات الدولية (البنك الدولي , برنامج الأمم المتحدة الإنمائي , منظمة التعاون الاقتصادي الإنمائي) , غير أن  الحكامة كآلية للحكم تقوم على عدة معايير وتنهض على مجموعة من الأسس والتي في غيابها لا يمكن  الحديث عن حكامة جيدة ,وتختلف حسب المنظمات الدولية وحسب الدول ويمكن حصرها في معايير:
سياسية واقتصادية واجتماعية وإدارية تشمل الدولة ومؤسساتها والإدارة والمجتمع المدني والقطاع الخاص والمواطنين كناشطين اجتماعيين, وهي معايير قد تختلف حسب المنظمات وحسب المناطق.
إن المعايير المعتمدة من طرف البنك الدولي ومنظمة التعاون الاقتصادي للتنمية٬ تتمحور بالأساس حول تحفيز النمو الاقتصادي وحرية التجارة والخوصصة.معايير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي
المشاركة : وهي حق المواطنين في الترشيح والتصويت وإبداء الرأي ديموقراطيا في البرامج والسياسات والقرارات, وتتطلب توفر القوانين الضامنة لحرية تشكيل الجمعيات والأحزاب وحرية التعبير والحريات العامة وترسيخ الشرعية.حكم القانون : أي أن القانون هو المرجعية وسيادته على الجميع بدون استثناء وفصل السلط واستقلالية القضاء ووضوح القوانين وشفافيتها وانسجامها في التطبيق.الشفافية : تعني توفر المعلومات الدقيقة في وقتها وإفساح المجال أمام الجميع للإطلاع على المعلومات الضرورية مما يساعد في اتخاذ القرارات الصالحة وكذلك من أجل توسيع دائرة المشاركة والرقابة والمحاسبة ومن أجل التخفيف من الهذر ومحاصرة الفساد.حسن الاستجابة : يعني قدرة المؤسسات والآليات على خدمة الجميع بدون استثناء.التوافق : وهو القدرة على التحكيم بين المصالح المتضاربة من أجل الوصول إلى إجماع واسع حول المصلحة العامة.المحاسبة : محاسبة المسؤولين عن إدارتهم للموارد العامة وخصوصا تطبيق فصل الخاص عن العام من تعسف واستغلال السياسيين.الرؤية الاستراتيجية : أي الرؤية المنطلقة من المعطيات الثقافية والاجتماعية الهادفة إلى تحسين شؤون الناس و تنمية المجتمع والقدرات البشرية, وتعضد هذه المعايير بمجموعة من الشروط والتي لامناص كدالك من توافرها, ولاغرو من تكامل عمل الدولة ومؤسساتها والقطاع الخاص ومؤسسات المجتمع المدني٬ إذ لا يمكن أن نتحدث عن الحكامة دون تكريس المشاركة والمحاسبة والشفافية, ولا وجود للحكامة إلا في ظل الديموقراطية أو السيادة الشعبية, والحكامة تستوجب وجود نظام متكامل من المحاسبة والمساءلة السياسية والإدارية للمسؤولين في وظائفهم العامة ولمؤسسات المجتمع المدني والقطاع الخاص.ومنه فان بلوغ مستوى التدبير الرشيد التشاوري والتشاكي، رهين بتوفر مجموعة من الشروط المؤسساتية والقانونية التي تمنح الفاعل والمواطن الكفايات الضرورية لتسهيل عملية مشاركته وتعبيره عن أرائه، وهي ترتكز على تغيير طبيعة العمل العمومي من خلال:إعادة النظر في احتكار الحكومة لتدبير الشأن العام، بمنح القوى المحلية مجموعة من الصلاحيات في إطار تكريس مسلسل اللامركزية، واللاتركيز في صناعة القرار السياسي. توفير الكفايات اللازمة القانونية والمؤسساتية التي تسهل عملية تواصل المجتمع مع الفاعلين المحليين السياسيين والاقتصاديين. العمل على دعم انفجار قنوات التفاعل الأفقي كالمجتمع المدني.
غير أن الحكامة كآلية للتدبير الجيد تجابهها العديد من العوائق ويمكن تلخيصها في:عوائق مؤسساتية: أي ما يشوب المؤسسات الوطنية والجهوية والمحلية خاصة، من غموض بينها وبين المؤسسات المدنية والمجتمعات المحلية. عوائق علائقية: تمس عدم التكافؤ وضعف فعاليات العلاقات بين إدارات الدولة والجماعات المحلية، والتي لازالت تتصف بأشكال الوصاية والمراقبة من طرف الفاعلين في مراقبة التراب الوطني. عوائق اجتماعية وسياسية: ممثلة في طريقة اختيار الموظفين السياسيين للجماعات المحلية والتي تعتبر الأحزاب السياسية المسئول الأول عنها. عراقيل منهجية: ممثلة في الانحرافات السياسية المسجلة لدى الهيئات التمثيلية، الضعيفة التكوين.وما يزيد من عرقلة آلية الحكامة لأداء دورها، يمكن تلخيصه في الجانب التقني الممثل في عمليات التقطيع ذات البعد الأمني والتي أنتجت بهدف التمكن من المراقبة والتأطير.
لكن رغم كل هذه العراقيل والمعيقات يمكن وصف الحكامة كآلية للحكم الرشيد قد حققت طفرة نوعية تماشيا مع القيادة الرشيدة للجلالة الملك وعمله على ترسيخ مقاربة النوع في توزيع المجال وتؤشر على انخراط المغرب في مخطط التنمية الاجتماعية والاقتصادية التي تعتبر أحد الأهداف موضوع الحكامة .
للخلف

ابحث فى الموقع

جميع الحقوق محفوظة 2008 ©